دعوني أعترف من البداية بأن المذكور في هذا المقال ليس بالضرورة أن يقتلك حرفيًا، إلا أنه بدون أدنى شك خطير وسيسبب لك العديد من المشاكل الصحية المدمرة في حال لم تتدارك الوضع بسرعة.

أجزم أن العديد غيري كان آخر همه الاهتمام بصحته، وبدلا من ذلك يركز على حاسوب قوي، وأنترنت سريع، هذا هو الأهم صحيح؟ يكفي أن أضع الحاسوب على الأرض، أو أي شيء آخر، وانتهينا، نحن في الجنة 🙂

وهنا نقع في المشكلة التي سرعان ما تتفاقم مع مرور الوقت دون أن ندرك، فنشعر فجأه بألم متواصل في الرقبة، العينين، أو الظهر والعمود الفقري، أو الركبة، أو ربما نصاب بالسمنة وغيرها من المشاكل الصحية، لذا لا تدع العمل الحر يقتلك .

وحتى لا تكرروا نفس أخطائي سأكتب في هذا المقال مجموعة من المشاكل التي عانيت منها، وبالطبع لن يكون المقال عباره عن سرد للمشاكل فقط، بل سيحتوي على حلول أيضًا لتفاديها. هيا لنبدأ…

المشكلة الأولى:

في البداية عانيت من ثلاث مشاكل مختلفة، ولكونها مترابطه سأجعلها في فقرة واحدة.

أصبت بآلام الرقبة والظهر والعمود الفقري بسبب طول استخدامي للحاسوب، وهذه المشكلة تحدث أيضًا لمستخدمي الهواتف الذكية، المشكلة ليست بالضرورة بسبب فترة الاستخدام، بل بسبب وضعيه الجلوس الخاطئة، بحيث يكون جهاز الحاسوب أو الهاتف نازل للأسفل ونضطر لثني الظهر والرقبة لمشاهدته بوضوح.

في البداية يكون الوضع طبيعي، ويمكنك العمل أيام وأسابيع دون مشاكل ربما، وقد تصاب بألم بسيط بين فتره وأخرى سرعان ما يزول بعد أخذ قسط من الراحة.

وهذه إحدى المظاهر الخادعة، حيث نوهم أنفسنا بأن أي ألم نُصاب به هو ردة فعل طبيعية للتعب والإرهاق، بمجرد أخذنا لقسط من الراحة سيزول، وهذا غير صحيح دائمًا.

المشكلة الثانية:

لديك شاشة لا تبعد عن وجهك سوى نصف متر، وتبقى تحدق فيها يوميًا أكثر من نصف ساعاته، ماذا سيحدث لك غير جفاف وحرقة في الأعين؟ هذا ما حدث معي.

أصبت بحرقة في العينين، وليست المشكلة فيها بقدر الصداع الذي يصيب عيناي، لدرجة كنت أذهب لغرفة مظلمة استلقي فيها وأغمض عيناي فتره من الزمن.

المشكلة الثالثة:

أعتدت على الجلوس متربع عندما يتعلق الأمر بشيء يحتاج إلى تركيز، مثل التعلم، التصميم، لعب ألعاب الشبكة، أو حتى التفكير والكتابة… وبحكم كوني أتنقل بين مجموعة من الأمور تتطلب التركيز كان كل وقتي تقريبًا أبقيه متربعًا، ولعل هذه أكثر مشكلة عانيت معها.

أصبت بآلام متواصلة غالب الوقت في الركبة، ولم تكن تزول حتى أذهب إلى النوم، وبعد الاستيقاظ لا تمر فتره بسيطة إلى وترجع لتلازمني طول اليوم، استمر الحال فتره طويلة ولم أجد تحسن يذكر.

حلول بسيطة:

لحسن الحظ يمكن تدارك الوضع جزئيًا:

  • بالنسبة لآلام الظهر والرقبة، أول خطوة هي تعديل وضعيه الجلوس بجعل الظهر مستقيم، ووضع الجهاز في أرتفاع مناسب لا نضطر معه لثني الرقبة، فيكون الوضع طبيعي ونشاهده بكل راحه. وهذا طبعا ليس كل شي، يجب تحريك الرقبة والظهر، وتمرين مفاصلهما كل فتره، فالبقاء بوضعيه واحده لمدة طويله تصرف غير صحي.
  • أما العينين، أساس المشكلة بسبب سطوع الشاشة وسوء إضاءة الغرفة، تعديل سطوع الشاشة وإضافة إنارة مناسبة، وأخيرًا ترطيب العينين بالماء كل فتره سيساهم في تقليل المشاكل.
  • وأما ألام مفاصل الركبة، يجب تغيير وضعية الجلوس كليًا، ولكن بحكم جلوسي في الأرض فليس أمامي خيارات تستحق الذكر.

وصلتُ إلى النقطة الفاصلة، الاستمرار بهذه الحالة دمار لصحتي.

حلول جوهرية:

أيقنت بأن حل المشكلة لن يكون بالسلوكيات فقط، يعني مهما حركت رقبتي ومهما حاولت جعل ظهري مستقيمًا ومهما مددت قدماي لن تتحس الأمور كثير، سيكون هناك تحسن طفيف للإنصاف، لكنه غير كافي على المدى البعيد، يجب حل المشكلة من جذورها وليس من سطحها.

استخدام الحاسوب على الأرض من أسوء القرارات بحق نفسك وصحتك، لذلك بحثت عن مكتب مناسبة، أريد مكتب بارتفاع جيد، ومظهر بسيط وأنيق، بعيد عن الزركشات، سهل الفك والتركيب، والمهم أن يكون بتكلفة معقولة، تعرفون يعني لم أصل للمليونية بعد 🙂

بحثت عن مكتب بهذه المواصفات، ولحسن الحظ وجدت ظالتي، وبسعر مناسب. بالطبع المكتب يحتاج إلى كرسي، وهنا عزيزي عليك أن تعرف أن الكرسي أكثر أهمية من المكتب، المكتب ستضع عليها حاسوبك -الذي لا يشعر بالألم-، أما الكرسي ستضع عليه جسمك -الذي يشعر بالألم-، بالتأكيد يحتاج جسمك لمكان مريح لا يتعبك.

اشتريت المكتب بـ 32 دولار، والكرسي بـ 52 دولار، بشكل إجمالي كل هذا كلفني أقل من 100 دولار مع التوصيل، وربما لو قللت متطلباتي قليلًا أو لو بحثت بتعمق أكثر لوجدت خيارات أقل تكلفة.

على كل حال مبلغ 100 دولار لا يساوي شيئا مقارنة بصحتك.. أليس كذلك؟

ركز عزيزي

وحتى بعد شراءك لمكتب، لا تتوقع بأن حياتك ستتغير طالما عقليتك لم تتغير، يمكنك أن تقع في جميع المشاكل السابقة وحتى مع وجود مكتب، لذلك عليك أن تغير وتحسن من تصرفاتك:

  • أضبط الشاشة على سطوع مناسب، ليس بالعالي المزعج ولا بالمنخفض.
  • أجعل الشاشة بارتفاع مناسب لرأسك، حتى تتمكن من مشاهدة جميع أجزائها بسهولة بدون ثني رأسك للأسفل، وصدقني الموضوع يحتاج لتعود لأنك ستجد نفسك تلقائيًا قد ثنيته.
  • أجعل الماء صديقك، أكثر من شرب الماء.
  • أجعل بجوارك بخاخ ماء صغير لترطيب عينيك من الإجهاد المتواصل.
  • تحرك قليلًا بين الفينة والأخرى، وحرك مفاصلك.
  • حرك قدميك كثيرًا، لا تبقيها في وضعيه واحدة لفترة.
  • أجلس بوضعية مستقيمة، وليكن ظهرك ملاصق للكرسي.
  • تأكد من أن إضاءة الغرفة مناسبة، ولو تطلب الأمر تركيب إضاءة جديدة ففعل ذلك.
  • إذا أمكنك استخدام الحاسوب واقفًا بطريقة صحيحة فحاول فعل ذلك، هذا ما أفعله شخصيًا، أوازن بين استخدام الحاسوب، تارةً جالسًا وأخرى واقفًا.
  • واظب على ممارسة الرياضة، ولا أقول لك اشترك في نادي رياضي ومن هذا القبيل، لعب الكرة عدت أيام في الأسبوع جيد.
  • تمرن في منزلك، فالتمارين في المنزل بالمجان، وخارجه بمقابل.
  • تحرك وأمشي كل يوم، وليس بالضرورة أن تمشي بالساعات، أذهب للصلاة في المسجد، منها تكسب أجر ينفعك في آخرتك، ومنها تكسب صحة تنفعك في حياتك.

إلى هنا ينتهي المقال، وتذكر، لا تدع العمل الحر يقتلك .

ختامًا، هل عانية من مشاكل مشابهه؟ وكيف تخلصت منها؟ شاركوني تجاربكم 😉

حقوق الصورة محفوظة لأصحابها.. تحياتي