كيف تطور نفسك ؟ وكيف تستغل وقتك؟ أجزم أن لا أحد يرغب في أن يبقى على حالة بدون تطور، فعلمه اليوم نفس علمه قبل 10 سنوات، ومهاراته اليوم هي نفسها قبل عقود.

الجميع يريد التطور، ولهذا كتبت هذا المقال لمساعدتك في كيف تطور نفسك ، ولمساعدة كل من يريد بدء مشوار تطوير نفسه على الانطلاقة.

كن عازمًا:

قبل كل شيء، أنت بحاجة إلى نية صادقة، البداية تبدأ من الداخل، من داخل نفسك، كن عازمًا على التغيير وتوكل على الله (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد:11]

لا يمكنك أن تفعل شيئًا وتستمر في فعله كل يوم بدون أن يكون لديك نية صادقة، وعزيمة حقيقية. تطوير النفس من الأمور التي لا يكون مردودها مباشر، لا يمكن لشخص أن ينحف في يوم واحد، ولا حتى في أسبوع.

لا يمكن لشخص احتراف التصوير، أو الرسم أو أي مهارة أخرى في فترة زمنية قصيرة. نفس الشيء ينطبق على تطوير النفس، النتائج لا تكون مباشرة، هي تراكمات بسيطة تتجمع يوم بعد يوم.

مثل الحصى الصغيرة، لو تبقى كل يوم تجمع مجموعة منها، تستمر بفعل ذلك لأشهر عديدة، ستجد في النهاية أنك كونت جبلًا، هكذا هي نفسك، تحتاج تطوير مستمر لتحصل على نتائج مذهلة.

طور نفسك من أجلس نفسك:

لا تجعل هدفك من تطوير نفسك رضى شخص آخر، مدير عملك، صديقك، زوجك.. ولا حتى والديك. طور نفسك من أجل نفسك وفقط، لأنك في حال طورتها من أجل شخص آخر سرعان ما ستتحطم وتتوقف عن الاستمرار لأنه لم يلاحظ تطورك، لم يقدر جهدك، ولم يراعي تعبك.

نفسك أغلى من أن تجعلها بيد شخص آخر كائن ما كان، نفسك ملك لك وحدك، ومن حقك على نفسك أن تطورها، وصدقني ستشعر برضى عميق وسعادة غامرة وثقة عالية كلما تقدمت في مشوارك، وكلما نظرت إلى نفسك كيف كانت وكيف أصبحت.

كلما تطورت نفسك كلما قلت حاجتك للناس، وقل احتياجك لاستحسانهم، كلما زاد اكتفائك بنفسك، وقل رأي الآخرين فيك أهمية، ستكون نفسك هي المقيم الوحيد لك.

توقف عن تضييع وقتك:

لا أخبرك هنا بأن تخصص كل وقتك للتعلم واكتساب مهارات جديدة، هذا صعب. لا بد من فترات راحة وتسلية بين الحين والآخر. لكني أخبرك بأن لا تضيع وقتك كثيرًا، توقف عن متابعة البرامج التلفزيونية التي تعلم أنت بنفسك أنها سخيفة.

توقف عن الاستمرار في مشاهدة مسلسل ممل وبغيض. توقف عن أي شيء لا ترى جدوى ولا فائدة ولا حتى تسلية منه. بجرد أن تقطع هذه الأمور من حياتك ستجد بلا أدنى شك فترة أكثر من كافية يمكنك استغلالها لتطوير نفسك.

لن أطلب منك تخصيصها كلها في كيف تطور نفسك ، يكفي جزء بسيط منها، جزء بسيط متكرر يوميًا أكثر من كافي لتحولك إلى شخص مختلف خلال أشهر قليلة.

أبحث عما يعجبك:

لا تستطيع الطلب من طفل في السادسة من عمره التوقف عن لعب الكرة واستبدالها بقراءة كتاب في علم الأرض، وكذلك لا يمكنك الطلب من شخص في الثلاثين من عمره تعلم ميكانيكا السيارات بينما هو أصلا لا يجيد القيادة.

تعامل مع نفسك بهذا المبدأ، لا تجبرها في البداية بتعلم شيء غير مألوف عنها، لأن هذا سيجعلك تنظر لمشوار تطوير النفس على أنه حصة دراسة إجبارية مملة، وسرعان ما سينعكس على أدائك ومواظبتك مما سيجعلك تتوقف بسرعة، وتلغي الفكرة كليًا.

أبدأ بما تحب، تطوير النفس أسهل عندما يكون الشيء الذي تحاول تعلمه محبوب إلى قلبك، إذا كنت تحت التصاميم تعلم كيف تصمم. إذا كنت تحب الطبخ شاهد فيديوهات عنه. إذا كنت تحب الأفلام فجرب قراءة الروايات التي اُقتبست منها هذه الأفلام.

إذا كنت تحب التصوير جرب تعلم كيفية تصوير صور مميزة، أقرأ عن حساسية الضوء، التعريض، سرعة الغاقة. أقرأ عن وضعيات الكاميرا، وأوضاع التصوير. من يدري؟ ربما تتحول هذه الهواية إلى مصدر رزق فيما بعد.

إذا كنت تحب النقاشات وقضاء ساعات عديدة تتحدث مع من حولك جرب القراءة في أساليب الحوار والمغالطات المنطقية، صدقني كلما تطورت في مجال معين ستجد أنه أصبح أكثر متعه من ذي قبل.

أبدأ من الأمور التي تحبها، وبعدها ستجد نفسك تتوسع في أمور لم تتخيل يومًا أنك ستتعلمها.

أخبرك نفسك لماذا:

كيف تطور نفسك إن لم يكن لديك دافع؟ يجب أن تخبر نفسك بلماذا تريد أن تتطور، لماذا تريد أن تطور نفسك في الحوار؟ في الحاسوب، في التصوير، في الكتابة، في الطبخ، في كل شيء…

حسنًا، لماذا عليك إخبارك نفسك بـ”لماذا” ببساطة لأنك ستواجه أوقات عديدة، كسل، ملل، خمول، وعدم رغبة في فعل شيء. لمواجهة هذه المثبطات عليك أن تذكر نفسك بـ”لماذا” لتتمكن من الوقوف من جديد والمتابعة.

بدون “لماذا” ستشعر أن ما تقوم به بلا فائدة، لذلك أحرص على أن تكون “لماذا” قوية ومقنعة، وعليك كتابتها حتى لا تنساها، ولتذكر نفسك بها بين الحين والآخر.

الأدوات غير مهمة:

يعتقد الكثيرة بأنه ليكون مميز في وظيفة معينة فيجب أن يمتلك أدوات احترافيه لها، يعتقد مثلًا بأنه ليكون مصور بارع عليه أن يمتلك أحدث وأقوى الكاميرات. ليكون طباخ ماهر عليه أن يمتلك مطبخ متكامل بأحدث التجهيزات، ليكون مبرمج أو مصمم أو كاتب مبدع يجب أن يكون لديه حاسوب خارق. ليحصل على جسم رشيق ورياضي يجب أن يكون لديه أدوات تمرين متنوعة…

كل هذا غير صحيح إطلاقًا، ابحث عن شخص متميز في مجاله، واسأله سؤال بسيطًا: كيف كانت بدايتك؟ متأكد أن جوابه سيصدمك، حيث أن بدايته كانت بأدوات بدائية جدًا، ربما أقل حتى مما تمتلكها أنت الآن.

ولو سألته أيضًا: كيف تطور نفسك مع هذه الإمكانيات المحدودة؟ لأجابك بأن المهم هو الاستمرار والمثابرة فقط.

كيف تطور نفسك :

مشوار تطوير النفس ليس سهلًا، ولكن أيضًا ليس صعبًا، هو فقط بحاجة إلى عزيمة صادقة، وهي متوفرة في كل البشر، واستمرارية. لا يوجد شيء إضافي. بمجرد توفر العزيمة و الاستمرارية في التعلم لن يقف شيء في طريقك.

أفترض بأن ما كتبته في الأعلى قد أقنعك بالفعل على بدأ مشوارك، والآن حان الوقت لأخبرك بخطوات كيف تطور نفسك :

  • أعزم عزيمة من حديد على تطوير نفسك.
  • أبحث عن الأشياء التي تحبها، ولتكن هي بدايتك.
  • أكتب قائمة بالأشياء التي تريد أن تتطور فيها.
  • تحت كل جزء أكتب لماذا تريد أن تتطور فيه.
  • أجعل هذه القائمة أمامك مباشرة، ضعها على مكتبك، علقها على الجداء، أو على الثلاجة، ضعها خلفية لحاسوبك أو هاتفك… لتكون أمامك كل الوقت.
  • حدد وقت بسيط للتعلم اليومي، ويجب أن يكون بسيط حتى لا تتثاقل في تنفيذه، مثل 10 دقائق من القراءة، المشي لمدة 15 دقيقة…
  • ضع جدول يوضح مقدار استمراريتك، هذا سيكون محفز لك، عندما تنظر إليه وتقول كم هذا رائع! لقد واظبت 9 أيام يبدون انقطاع.
  • المفتاح في الاستمرارية، ذكر نفسك بأن التعلم يحتاج إلى استمرار ومواظبة.

بعض التنبيهات:

  • لا يشترط أن يكون وقت التعلم في فترة محددة، كأن يكون في الصباح مثلًا، دع الوقت مفتوح، ولكن أحرص على تنفيذه في بداية يومك  لأنك ستكون أكثر نشاطًا.
  • كافئ نفسك كلما واظبت على التعلم، إذا كنت تحب مشاهدة مسلسل ما، أجعله مكافئة، قل لنفسك بأنك إذا قرأت 5 صفحات من الكتاب الفلاني ستشاهد حلقة المسلسل المفضلة لديك.
  • ستجد أوقات متفرقة تشعر فيها بالملل من التعلم، تغلب على هذا الشعر قبل أن يقتل مشوارك.
  • كن مستعدًا للمعارضة، بالتأكيد ستجد أناس سلبيين يبثون إليك سلبيتهم، ويحاولون تثبيطك عن هدفك، يجب أن تكون عزيمتك أقوى منهم.
  • في حال مر يوم بدون تعلم لا تلم ولا تحطم نفسك، استجمع نشاطك وعوض عما فاتك في اليوم التالي 🙂

ما التالي؟

بعد أن حددت أهدافك والأسباب ورائها، وبدأت بالفعل في تطوير نفسك لا تقلق من التشتت الموجود على الأنترنت، ولا داعي أيضًا من البحث عن محتوى احترافي ومدفوع، أو مجاني محكم وشامل لكل شيء، إيجاد شيء بهذه المواصفات إما صعب أو مكلف.

لذلك لا تضيع وقتك ولا مالك بالبحث عن محتوى متكامل، المهم أن تبدأ فقط، وتستمر يوميًا دون انقطاع. يوم عن يوم ستبدأ في رسم طريقك الخاص.

أدوات مساعدة:

تتوفر العديد من برامج إدارة المهام على الحواسيب والهواتف الذكية، يمكنك استخدام إحداها لكتابة المهام ومتابعة تقدمك. ولكن إذا كنت تفضل شيء أبسط بكثير أحضر قلم وورقة وأكتب أهدافك فيها.

ختامًا:

مع الوقت قد تشعر بأن ما تقوم به دون جدوى، وأنك ما زلت في نقطة البداية بدون تقدم واضح، وهذا شعور خادع، حيث أنك قد تطورت بالفعل، ولكنك لم تلاحظ ذلك على الأغلب. لا تدع هذا الشعور يخدعك، استمر في التعلم، واكتساب مهارات جديدة، لا تتوقف عن تطوير نفسك.

جدير بالذكر أن أولى ما على المرء تطويره في نفسه قبل كل شيء آخر هو دينه، وعلاقته بربه، ثم علاقة بالناس من حوله، فلا فلاح لدنياه إذا كانت سببًا في خسران أُخراه.

ما الذي تنتظره؟ أبدأ من الآن بتطوير نفسك، ولا تنسى مشاركة هذا المقال مع من تحب، حتى تدفعهم لبدء مشوارهم الخاص في تطوير أنفسهم.

صورة المقال من Bryan Minear لموقع Unsplash، بالتوفيق 🙂