حتى لا يكون كلامنا عن مشاكل العمل الحر مجرد ترديد للمشاكل بدون أقتراحات فعليه وتقديم حلول ممكنه، كتبت هذا المقال ليقدم كل واحد منا ما لديه من أفكار قابلة للتطبيق لتحسين وضع العمل الحر.

دعونا نعترف أن مشاكل العمل الحر مستعصية، ولا يمكن تغيير الوضع بين ليلة وضحاها، نحتاج على الأقل 3 سنوات من الآن لإحداث تغيير حقيقي.

بداية لنقسم المستقلين إلى 3 فئات:

  • المبتدئين: الأشخاص الجدد في هذا المجال، لم يمضي الكثير عليهم فيه، خبراتهم ومهاراتهم قليلة.
  • المتوسطين: مر على عملهم بعض الوقت، لديهم خبرات ومهارات جيدة.
  • المحترفين: وهم الخبراء في هذا المجال.

مشكلة فئة المبتدئين تنقسم لقسمين: الأول في الخبرة، وهذا بالطبع طبيعي كونهم مبتدئين، لكن ما يزعجني حقًا هو استخفاف بعضهم بالمهنة. الثاني في تحديدهم للأسعار، وهذا ليس خطأهم، لم يعلمهم أحد كيف يفعلوا ذلك، لذا من الطبيعي أن يحددوا أسعارهم بناء على سعر السوق، الذي هو من الأساس مجحف.

مشكلة الفئة المتوسطة ليست في جودة العمل، لديهم بالفعل مستوى جيد، وبطبيعة الحال هم في سعي مستمر للتحسن، مشكلتهم الحقيقين أنهم في الوسط، فلم يصلوا بعد لمستوى المحترفين، لا من حيث المهارات ولا العلاقات، مما يجعلهم غير قادرين على تحديد أسعار مشابهه. ولا هم في فئة المبتدئين ليقبلوا بأسعار بخسه. وغالبًا لا يرضى العملاء بأسعارهم لأنهم لا يفرقون بينهم وبين المبتدئين.

بالنسبة لفئة المحترفين، فكما أشرت في الموضوع السابق، هم خارج المنظومة، ولا أضن مشكلة الأسعار هي ما يقلقهم، لذلك دعونا نستثنيهم من الحديث هنا.

كيف نحل مشاكل العمل الحر ؟

الحل هو بالتثقيف والتعليم، وجعل حد أدنى لأسعار المشاريع، يجب أن تُمسح فكرة أن العمل الحر سهل وبسيط من أذهان الجميع، لأن الترويج لهذه الفكرة كارثة، وهي من سببت لنا خروج فئات لا تقدر المهمة، فيكفي أن يتعلم بضعة دروس عن مجال ما ليذهب ويقدم خدماته فيه، وهذه مصيبة ليس فقط في حقهم بل في حق المستقلين و العمل الحر كاملًا.

لو وُضح وضع العمل الحر بطريقة صحيحة وحددت معاييره، أنه ليس سهل وليس للجميع، وهو ليس عمل لتضييع الوقت وزيادة بضع دولارات إلى المحفظة، لما اُستخف به لهذه الدرجة، ولما خرج لنا أشخاص يهينون أنفسهم قبل إهانتهم للمهنة، ونعم لن أطلق عليهم مستقلين لأنهم ليسوا مستقلين أصلًا.

بتعليمهم طريقة العمل الحر الصحيحة. شيئًا فشيئًا ستتلاشى فجوة الأسعار، فبدل أن يدخل مستقل إلى السوق ويسعر عمله بـ 5 دولار، سيبدأ من 100 دولار، والمستقلين الذين بدؤوا بالفعل من قبل سيكونوا قد اكتسبوا خبرة ومهارة كافية خلال هذه السنوات، وبهذا يكون لدينا مستقلين واعين بطريقة العمل وكيفية التسعير.

ماذا عن المبتدئين حاليًا الذين بدؤوا بممارسة المهنة من قبل؟

سيكون الحل متاح أمامهم، يمكنهم التعلم فستكون المصادر موجودة، ولو حدث ولم يفعلوا ذلك، فسنتين إلى 3 كافية بتحويلهم من فئتهم الحالية إلى فئة المتوسطين.

بهذا يكون لدينا جيل علمتهم الحياة، وجيل تعلم بطريقة صحيحة، ونكون أخيرًا تخلصنا من مشكلة بخس الأسعار وتباينها، الغالبية ستكون واعية.

ماذا عن المستقلين الجدد الذين أسعارهم أعلى من مستواهم؟

بسيطة، السوق كفيل بتصفية من ليس بالمستوى المطلوب، وهذا سيكون دافع قوي لتطوير الفرد مهاراته، فإما أن تكون أعمالك بمستوى كافي، أو ستخرج من السوق بسرعة لأن لا أحرد سيدفع لك.

العميل سيكون بين خيارين، شخصين بأسعار متقاربة، واحد بمستوى جيد وآخر بمستوى سيء، بالتأكيد سيختار الجيد. السيئ في هذه الحالة إما أن يتعلم ويطور من نفسه، أو يخرج.

ماذا عن المستقلين المستمرين بالأسعار الحالية؟

طالما أنهم الأقلية فلا مشكلة إطلاقًا، فلا يمكنهم استلام كل المشاريع، وسيدفع هذا العملاء إلى البحث عن مستقلين آخرين، بعبارة أخرى مهما كانت أسعار المستقل بخسة فهو مرهون بقدرة استيعابيه محددة، لا يمكنه تجاوزها.

ومع الوقت سيكتشف أنه يضيع وقته وجهده بدون عائد حقيقي، ما سيدفعه إلى وضع تسعيره منطقية، مثل الآخرين.

ماذا عن المستقلين المتوسطين؟

مربط الفرس في المبتدئين، بمجرد تحسين وضعهم تلقائيًا سيتحسن وضع البقية، وبما أن المفترض بالمحترفين أن يساعدوا بحل المشكلة سيتعلم المتوسطون كيف ينتقلوا للمرحلة التالية.

المحترفون يعلمون المتوسطون، المتوسطون ينقلون علمهم للمبتدئون، الجميع يعلم ويتعلم، تباين الأسعار سيختفي، الجميع سيرتقي بمستواه، وهذا بالتأكيد سينعكس بالإيجاب على ريادة الأعمال العربية، سيكون لدينا مستقلين أكفاء قادرين على بناء مشاريع عملاقة، مشاريع ليس فقط تنافس عربيًا، بل تنافس عالميًا أيضًا.

ماذا عنك عزيزي المستقل؟

ببساطة هناك أمرين عليك القيام بهما:

الأول، توقف عن إهانة نفسك، توقف عن قبول مشاريع بأثمان بخسة، توقف عن تقديم عروض على مشاريع بميزانيات متدنية. العميل بطبيعة الحال عندما لا يجد مستقلين أكفاء يتقدمون على مشروعه سيعرف أن سعره غير منطقي، وسيرضى بالأمر الوقع ويرفع من تكلفة المشروع.

أرجوك توقف عن تدمير عالم العمل الحر بسبب رضاك بأسعار متدنية، وإذا كان كل هذا لا يهمك، يا أخي قدر تعب غيرك وتوقف عن تحويل حياتهم إلى جحيم، إذا كانت 5 دولار تكفيك تذكر أن غيرك لا تكفيه.

الثاني، شارك ما لديك من خبرات ومعارف، قد تملك أو تعرف شيئًا لا يعرف الآلاف غيرك، شاركهم هذه المعلومات، صدقني لن تخسر شيئًا، بل ستفيد وتستفيد بطريقة مباشر أو غير مباشرة.

ما الحل عند تدني دخلي بسبب توقفي عن تقديم عروض منخفضة؟

استثمر هذا الوقت ببناء منتجات صالح للبيع عبر المنصات المختلفة، هذا قد لا يحقق أرباح سريعة، لكنه مفيد في بناء سمعة حسنه، ونشر اسمك في أماكن مختلفة، على المدى الطويل ستكون له فوائد غير متوقعة.

هل تصدق أني كسبت مشروع بـ 800 دولار بسبب واجهة تطبيق الساعات التي عرضتها للبيع في بيكاليكا، الرزق بيد الله يا صديقي.

خلاصة الكلام:

لحل مشاكل العمل الحر نحن نحتاج لنتكاتف جميعًا، نحتاج ثورة حقيقية في نقل المعارف والخبرات، نحتاج لأن يتوقف الجميع عن قبول أسعار مجحفة، وهذا لن يحدث بدون مشاركة الجميع، سواء من مستقلين أو من شركات.

نحتاج لكتابة شيء مشابهة للميثاق، يحدد على الأقل الحد الأدنى لأسعار المشاريع بمختلفها، من تصميم شعارات، واجهات مستخدم، ترجمة، تكويد وبرمجة، تسويق، كتابة محتوى… كما أنه يوضح ما للمستقل وما عليه.

نحتاج أيضًا لدورات عن كيفية تسعير المشاريع، دورات حقيقية وليس عبارة عن كلام مبتذل غير واقعي كما في أغلب مقالات تسعير المشاريع.

أعلم أن مقترحاتي ليست بالحل الجوهري، لا يوجد حل جوهري من الأساس، المشكلة برأيي في تطبيق هذا الاقتراح، فعلى ما يبدو المبادرة قائمة من أشخاص لا يمكنهم تقديم الكثير.

بالنسبة لي مستمر بإذن الله في تقديم محتوى عن التصميم والعمل الحر في مدونتي -بالإضافة إلى بعض المجالات الأخرى-، سأنقل فيها خبراتي التي قد تكون بسيطة بكل شفافية، هذا كل ما يمكنني فعله، وسأسعى لفعل المزيد.

القلم بين أيديكم الآن، النقد والاقتراح متاح بكافة أشكاله 🙂

تحياتي

حقوق الصورة محفوظة لأصحابها.