نعود مرة أخرى مع دروس مؤلمة عن العمل الحر تعلمتها بالطريقة الصعبة، وكما في الجزء الأول من المقال، سيكون هذا المقال من ثلاث نقاط مختلفة، أرجو أن تستمتعوا بقراءتها وتستفيدوا منها أيضًا 🙂
لا تتساهل في موضوع الحقوق
من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها في بدايتي مع العمل الحر موضوع الحقوق، كنتُ متساهل جدًا بشأنها، ولم يكن يهمني أيوضع اسمي ورابط موقعي على أي تصميم أم لا، فمن سيشاهد هذه الأعمال أصلًا، المهم أن يكون معرض أعمالي مليء بالمشاريع المميزة، بحيث تكون كفيلة بجلب مشاريع جديدة لي، هكذا كنتُ أفكر.
بينما الواقع أن الحقوق هي ما تضمن لك تسويق حقيقي، وتدفق جيد من المشاريع بين الفينة والأخرى. هي مثال حي على جودة أعمالك، وبالتأكيد معرض الأعمال مهم جدُا، وسبق وتحدثت عن ذلك هنا، ولكنه بحاجة إلى تسويق، فمن سيشاهده، ومن سيعرف عنك إذا لم تسوق له؟
بالمناسبة، هذا ليس تناقضًا مع نقطة سابقة ذكرتها في الجزء الأول من المقال، هناك فرق بين أن تكون واضحًا بشأن الحقوق من البداية، وبين أن تبدأ الحديث عن الموضوع في نهاية المشروع. ليكن حديثك عن الحقوق في بداية الاتفاق مع العميل على المشروع وليس في نهايته.
ولا بأس إذا رفض العميل مسألة الحقوق، أخبره بأنه يمكنه زيادة مبلغ إضافي على قيمة المشروع، 20% أو 30% من قيمة العمل ليس بالشيء الكثير.
لا تكن طيبًا أكثر من اللازم، في العمل الحر، وفي غيره
مشكلتي أني أتجاوز الطيبة أكثر من اللازم فأصل لحد السذاجة، وهذا يضعني في مواقف لا ينبغي أن أكون فيها، لو كنت فقط طيبًا بقدر معقول، وواضحًا من البداية حول بعض الشروط، لحفظت وقتي وجهدي بشكل أفضل.
الفرق بين الطيبة والسذاجة شعرة، لا تتحول إلى ساذج بعذر ملاحقتك للطيبة
ذات مره تعاملت مع عميل حول مشروع تحسين صفحة هبوط لموقع شركة، أخبرته من البداية بالعمل الذي سأقوم به، وكان خمس نقاط فقط، وعندما انتهيت منها لم ينفك يطلب تعديلات بعد تعديلات، تعديلاته لم تنتهي…
التعديلات لم تشمل فقط شروط الاتفاق بل زادت لتشمل جزئيات خارج ما اتفقنا عليه، ولا أدري لماذا ما زلت أقوم بها؟ إلى أن قررت -وهو قرار متأخر بالمناسبة- التوقف عن تنفيذ طلباته، بصراحة توقعت بأن ينسف تقييمي بعد تسليم المشروع نسفا، ولكن لم أهتم، نفذت عملي كما يجب وزيادة.
فأخبرته لن أنفذ طلباته وتعديلاته القادمة، وذكرته بالنقاط التي اتفقنا عليها في البداية، ولن أقوم بأي عمل خارج عنها. رد بلا مشكلة، سأزيد لك بعض دولارات إضافية جراء ما تقوم به، ولكني عرفت بأن المشروع لن ينتهي إذا قبلت مبلغه اليسير.
رفضت أيضًا وأصريت على رأيي، واقف العميل في النهاية. وسلمنا المشروع، وبصراحة كنت متوقع بأن أجد تقييم سيء، ولكن حدث العكس 🙂
لن يكون بيننا العديد من المشاريع القادمة
يتواصل معك عميل جديد، ويطلب منك تخفيض السعر، هذا أول تعامل بيننا وبعد الانتهاء من المشروع وتنفيذه على أكمل وجه سنعمل على العديد من المشاريع بالسعر المناسب، لذا خفض لنا سعر هذا المشروع وسنعوضه في المشاريع القادمة.
تنظر إلى الشخص الذي يتواصل معك، تبحث عن الجهات التي يعمل فيها، وتغرك سمعتها الطيبة وحجمها الكبير، فتوافق على الوهم الذي باعك إياه من أجل لا شيء.
تعمل على المشروع بسعر أقل من المطلوب بكثير، تغض الطرف وتمني نفسك بالمستقبل المشرق، بهدف أن هناك ترسانة من المشاريع القادمة تنتظرك، وسيكون هناك تدفق مالي عالي – يكفي لرحلة إلى حجز الأزور، أمزح 🙂 –
ثم تتفاجئ بعد إنهاء المشروع بأنه لن يتعامل معك مجددًا إلا بنفس سعر المشروع الأول، يا رجل!! تكتشف أنك كنت غبي، وساذج لدرجة غير معقولة، ولكن تحاول تجاوز الأمر فلا يوجد ما تفعله غير المتابعة والتقدم.
لذا عزيز المستقل، ثق بي، لا تصدق أي عميل يطلب منك تقليل ثمن المشروع الأول، حتى لو كان لاري بيج مؤسس قوقل Google بنفسه. من يبحث عن السعر الأقل سيفعل كل ما بوسعه للحصول على أقل سعر، سيستخدم هذه الحيلة كل مره ومع الجميع حتى ينفذ جميع مشاريعه بالميزانية التي يريدها دون الاعتبار لجهد وتعب الآخرين.
ومجددًا، في النهاية ما رأيك عزيزي القارئ أن تشاركني شيء من دروس الحياة الصعبة، سواءً المتعلقة بالعمل الحر أو الحياة الواقعية 🙂
حقوق الصور محفوظة لأصحابها: 1، 2
فالق الحب والتقدير