كثيرة تلك الدروس التي نتعلمها في الحياة الواقعية ومن العمل الحر أيضًا، من هذه الدروس ما نتعلمه بسهولة، ومنها ما نتعلمه بصعوبة، وغالبًا ما نتعلمه بصعوبة سيعلق في أذهاننا.

لن ننساه أبدًا فوراءه ألم، ووراء الألم قصص عديدة يمكن أن نرويها ونعلمها لغيرنا حتى لا يقعوا في نفس أخطائنا. في هذا المقال سأتحدث عن 3 أخطاء مؤلمة تعلمتها من العمل الحر بالطريقة الصعبة.

لا تُسعر الخدمة أبدًا بناءً على وصف العميل الأساسي

سيخبرك العميل بأن لديه موقع بسيط، من 8 صفحات فقط، ولحسن الحظ فهي تتشابه فيما بينها، وبعد الاتفاق معك تتفاجئ بأنها 12 صفحة وليس 8 كما قال، فعميلنا العزيز قد نسي -أو ربما تناسى- 4 صفحات لم يذكرها، ثم تقول لا مشكلة الصفحات بسيطة وتتشابه فيما بينها، ولكن تنصدم مجددًا بأن كل واحدة تحتاج لساعات من العمل المتواصل، فتكون بين خيارين أحلاهما مر.

تلغي المشروع بسبب اختلاف متطلبات المشروع عن وصفه الأساسي، وتحصل على تقييم سيء وينعتك العميل بأنك ضيعت وقته الثمين بسبب غبائك، أو تكمل المشروع وتتجنب المشاكل قدر الإمكان حتى لا تضر بسمعتك، فأنت ما تزال في البداية وليس من الجيد الدخول في صراعات مع العملاء، وبالطبع تختار الخيار الثاني لأنه أكثر عقلانية.

وبصراحة حصل معي هذا الأمر مرتين، الأولى أخترت الخيار الثاني لأنه من الواضح أن الأمور ستسوء وسأكون الطرف الخاسر، حيث أن العميل لن يفرق معه أي شيء، ولن تتأثر سمعته أبدًا، أما المستقل المسكين سيتأثر.

الثاني أخبرت العميل فيها بأن متطلبات المشروع مختلفة وزائدة عن الوصف الأساسي، وبناءً عليه فإن التكلفة التي طلبتها أقل من المتوقع، تقبل العميل كلامي واتفقنا على سعر جديد يتناسب مع حجم المشروع.

حسنًا، كيف أعرف أي خيار أتخذ؟
  • إذا كنت في بداية مشوارك وتقييم العميل سيفرق كثيرًا في ملفك الشخصي فربما من الأفضل إكمال المشروع والتغاضي عن هذه الزيادة طالما هي معقولة إلى حد ما، وربما إذا شعرت بأن العميل متفهم بعد إنهائك للمشروع يمكنك إخباره بأسلوب جميل بأن التكلفة كانت أقل من المفترض، وترغب بزيادتها إذا أمكن، في حال قبل بطلبك فهذا رائع وإن لم يقبل فعلى الأقل ستكون حافظت على سمعتك بدون مشاكل.
  • إذا كان العميل متفهم، أخبره من البداية بأن المشروع أكبر من الوصف الأساسي وهذا أدى إلى حساب التكلفة بشكل خاطئ، وأن التكلفة المنطقية هي … ، إذا قبل الزيادة فهذا جميل، وإن لم يقبل فلا حاجة للقلق لأنه لن يضر بسمعتك.

وبالطبع لا أتحدث هنا عن تلك الزيادات البسيطة التي تحدث لسبب أو لآخر، أنا أتحدث عن الزيادات الكبيرة التي تأخذ الكثير من الوقت.

ليس من الضروري أن تخبر العميل بما تراه أفضل دائمًا

حدث معي هذا عدة مرات، حيث يقول العميل بأنه يريد تصميم الصفحة بطريقة معينة، وهي من وجهة نظري خاطئة تمامًا، فلا هي جميلة ومناسبة للتصميم، ولا هي موافقة لمعايير تجربة الاستخدام أصلًا.

وبحكم أنني أطيب شخص في العالم 🙂 وأعامل المشروع كما لو أنه مشروعي الخاص، وأريد أن يظهر بأفضل شكل ممكن أحاول إقناعه واقتراح حلول بديلة أفضل وأجمل فينتهي الأمر برفضه الشديد، ويقول عبارات جارحة للمشاعر.

يعني ضيعت وقتي وجهدي بالتفكير بحلول مختلفة، ومحاولة إقناعه بعدم فاعلية طلبه دون جدوى، وفوق هذا يحسسني بأنني لا أفهم ومن الأفضل أن أنفذ المشروع كما يريد فقط. باختصار شديد، إذا مررت بموقف مشابه أخبر العميل مره واحدة فقط بأن طلبه غير ملائم، ومن الأفضل تنفيذه بطريقة مختلفة، إن اقتنع كان بها، وإن لم يقتنع لا مشكلة، هذا مشروعه يتعامل معه كيف ما يشاء.

حلول

في أحد المشاريع الأخيرة التي عملت عليها كانت بعض أفكاري حول التصميم معارضة لأفكار العميل، ولأنني لا أريد أن أقع في نفس الأخطاء السابقة أرسلت له رسالة أخبرته فيها:

  • مرحبًا أخ … (ذكرت اسمه) أود لفت الانتباه إلى ملاحظة بسيطة بخصوص العمل:
    جرت العادة بأن أناقش العميل في كل صغيرة وكبيرة حول المشروع، لنخرج بأفضل نتيجة ممكنة، بعض العملاء لا يفضل هذه الطريقة، فهم يريدون تنفيذ المطلوب كما هو فقط بدون أي نقاش.
    لذا إذا كنت تفضل أن أنفذ ما تقوله مباشرة بدون أن نتناقش فيه أخبرني 🙂

رد العميل:

  • مرحبا، بدون شك أفضل مناقشة التفاصيل ومشاركة الآراء والأفكار، فهي أهم مرحلة في تكوين التطبيق، لذلك خذ راحتك في الاقتراحات ومشاركة الآراء.

بهذه الطريقة سأعرف هل مناقشتي مع العميل حول بعض أفكار المشروع مفيدة أو لا، وهل نستمر بهذه الطريقة أم من الأفضل التوقف عن المناقشة وتنفيذ مشروعة كما يريد فقط، وصدقني النقاش مع العميل يوصل لنتائج أفضل بكثير من السابق.

لا تسألوا عن أشياء إن تبدى لكم تسؤكم

ذات مره قمت بتصميم موقع إلكتروني مميز، ما زلت إلى الآن كلما نظرت إليه أتحسف كيف لهذا العمل ألا يكون ضمن معرض أعمال. ما حدث أنه خلال الاتفاق مع العميل لم يتم التطرق لحقوق التصميم، ولم يذكر العميل ضمن الشروط أنه يمنع إضافة العمل إلى معرض أعمال المصمم، وفي حال لم يذكر أي شيء من هذا فيعني أنه يحق للمصمم إضافة التصميم لمعرض أعماله طالما لم يُنص على خلاف ذلك.

ولكن ما حدث أنه في نهاية المشروع سألت العميل بغباء، هل يسمح لي بوضع العمل ضمن معرض الأعمال، بالطبع رفض رفضًا قاطعًا، حسنًا لماذا سألته طالما لا يوجد نص يمنعني من ذلك؟ كان تصرف غبيًا وناجم بالفعل عن قلة الخبرة.

ربما تقول لي لماذا لا تضعه في معرض أعمال فأنت لن تخل بشروط الاتفاق؟

صحيح، ولكن هل الأفضل أن يأخذ عني العميل انطباع سيء في نهاية الأمر، بعد كل ما فعلت، وربما يتحدث عن هذا في كل مكان مما يؤدي إلى الإضرار بسمعتي؟ أم الأفضل تعلم الدرس وتعويض الأمر في المشاريع القادمة والمحافظة على سمعتي.

حسنًا، الآن دعونا نتخيل المشروع بطريقة مختلفة، بعد الانتهاء منه ووضعه في معرض أعمالي، ثم بعد أسبوع اكتشف العميل هذا وجاء لمراسلتي، حينها سأكون في موقف قوي، سأخبره بأنه لا يوجد شرط في الاتفاق يمنع هذا. إذا كان من النوع المصر سأقترح علي دفع مبلغ إضافي مقابل إزالته من معرضي.

في النهاية ما رأيك عزيزي القارئ أن تشاركني شيئًا من دروس الحياة الصعبة والمؤلمة، سواءً المتعلقة بالعمل الحر أو بغيره 🙂