كنتُ أخطط لأمر ما، فبحثت عن الشركات التي تقدم خدمات تناسب خططي، توجهت لهم واحدة بعد أخرى لدراسة ما يقدموه، ومقارنتهم لمعرفة أيهم أكثر مناسبة لي.
بعد 20 دقيقة فقط خرجت من أول شركة وأنا أتحسف على الوقت الثمين الذي ضيعته في الحديث مع مندوب المبيعات بلا فائدة. وحتى لا تقع في نفس خطأه سأخبرك في هذا المقال كيف تحول الموضوع إلى نقاش فاشل مع مندوب المبيعات
لا تحاول قراءة العميل:
دخلت من الباب، سلمت عليه وسألت عن حاله، ثم جلست على الكرسي استفسر عن الخدمات التي يقدمونها وقبل أن أكمل كلامي قاطعني (كلام مندوب المبيعات بالخط العريض).
– أنت لست من هذه المدينة صحيح.
– نعم؟!
– أقول أنت من مدينة أخرى أليس كذلك.
– (وما دخل هذا بالموضوع) نعم من مدينة أخرى.
– عرفت ذلك أنت لا تشبههم لا في الأسلوب ولا طريقة الكلام.
طيب وبعدين؟ بعد أن عرفت من أين أنا ماذا سيحدث الآن؟ لو سألتني من البداية لكان أفضل، بدل أن تقطع كلامي لتبين لي اكتشافك “العظيم”.
على كل حال تابعت كلامي لأسأله عن مجموعة من الأمور الأخرى، ليقاطعني من جديد.
– أها أنت متخوف من التكاليف إذن.
– لا، لا تهمني التكلفة بقدر مستوى الخدمة المقدمة.
– بلا يبدو لي من كلامك أنك متخوف من السعر.
– (لا حول ولا قوة إلا بالله، سأقول نعم وأرتاح) حسنًا يمكنك قول ذلك.
تابعت الكلام متجاهلًا محاولاته البغضية لقراءتي، وفي كل مرة يكرر وبإصرار نفس الغلط بدون أي فائدة إطلاقًا، لا لي ولا للنقاش ولا حتى له شخصيًا.
قراءة الأشخاص ليست مشكلة بحد ذاتها، بل هي ميزة طالما تعرف متى تستعملها ومتى لا تفعل. وتعرف كيف تستخدم المعلومات التي استخرجتها منه بطريقة تخدمكم جميعًا، وليس فقط تحشرها في النقاش لتبدو أنك “خبير وفاهم”.
- في حال عرفت أنه متخوف من السعر مثلًا، يمكن أن تطمئنه بأن النتيجة النهائية ستكون بالتأكيد تستحق المدفوع عليها، أو بأنه يمكنك الوصول لحل يرضي الطرفين ببعض التنازلات البسيطة.
- في حال كان متخوف من أن ينصب عليه، يمكنك توضيح كيف أن هناك عقود بين الطرفين تضمن حقك وحقه، ولا داعي للخوف من أمور مشابهه.
- …
دعه يتكلم ولا تقاطعه:
أكثر ما ازعجني أثناء نقاشي معه هو مقاطعته اللا نهائية، فما إن أخبره بشيء إلى وذهب يقاطعني قبل أن أكمل كلامي، وعندما أقول دعني أتكلم لأوصل لك ما أريد يقول “اصبر” ويستمر في حديثه الذي لا أدري ما علاقته بالموضوع.
عندما يأتيك عميل اسأله في البداية عن ماذا يريد بالضبط، ثم دعه يتكلم بكل ما يجول في خاطرة، لا تقاطع كلامه، ولا تقطع حبل أفكاره، استمع له، فهذا في مصلحتك.
أسمع ما يقوله وركز عليه:
أثناء حديثي معه كنت أعرف ماذا يقدمون قبل أن آتي، لكني غير مهتم إلا بجزء واحد فقط، وهو سبب قدومي أصلًا، أريد أن أعرف هل هم جيدون فيه أم لا، وما مقدار مستوى ما يقدموه (كلام مندوب المبيعات بالخط العريض).
– أنا مهتم بهذه الجزئية، وأريد أن أعرف أكثر عنها، وما هو الدعم الذي تقدموه معها.
– نعم هي مناسبة، كما أن لدينا خدمات أخرى وهي بلا بلا بلا…
– كما أخبرتك أنا مهتم بهذه الجزئية فقط، باقي خدماتكم لا احتاجها بالإضافة أنها لا تهمني.
– أنت عندما تتعامل معنا نقدم لك باقة كاملة، ثم بلا بلا بلا…
يا صاحبي، أخبرتك من البداية عن ماذا أريد بالضبط، أنا لست هنا لسؤالك عن خدماتك الأخرى، هي لا تهمني، ولا أريد أن أعرف عنها شيئًا، أريدك أن تجيب على سؤالي، وتوضح لي كل شيء متعلق به، لا أن تحول النقاش لأمور جانبيه بالنسبة لي.
هل أنتم جيدون أم لا؟ وحينها أيقنت أنهم سيئون، لأنهم لو كانوا جيدون لما غير النقاش كلما سألته عن نفس الموضوع. حرفيًا في هذه النقطة انتهى النقاش بالكامل، فقد وصلت للنتيجة التي أبحث عنها.
لا تطل في الكلام:
هل شاهدت الإعلانات من قبل؟ بالتأكيد قد شاهدتها. هل لاحظت كم هي مدتها، 10 أو 20 ثانية على الأغلب، هذه المدة كافية لتوصل لك الشركة المعلنة رسالة قوية عن منتجها أو خدماتها، ليست بحاجة لأكثر من ذلك.
هذا ما يجب على الجميع أن يتعلمه، كيف توصل رسالتك بأقل الكلمات، وهو للأسف ما لم أجده عند حديثي مع مندوب المبيعات ، حيث كان كثير الكلام بدرجة مملة، وعندما يتكلم لا يسكت، ويستطرد في أمور جانبية أنا غير مهتم بها.
هناك أوقات تحتاج فيها للتفصيل بلا شك، وعليك أن تعرف متى تفعل ذلك، على سبيل المثال عندما يسأل العميل عن موضوع عميق، ويبدو واضح عليه أنه يريد إجابة كافية وشافيه، حينها يمكنك أن تفصل له في الموضوع، وحتى مع ذلك يجب أن تنتبه لنفسك لكي لا يجرفك الكلام أكثر من اللازم.
أخبره فقط بما يريد سماعه:
كما أخبرتكم كنت مهتم فقط بجزئية واحدة، وكان من الأجدر به أن يركز كامل النقاش حولها، فهذا ما أريد سماعه، فإما أن يقنعني بها أو لا، وهو ما لم يحدث.
فيا عزيزي عندما يأتيك العميل يسأل عن الخدمة الفلانية، أخبره بما يريد سماعة، إن كان يريد تصميم موقع، أخبره بأنك تجيد تصميم المواقع. إن كان يريد تصميم شعار، أخبره أنك تجيد تصميم الشعارات.
أما أن يأتي يسألك عن تصميم المواقع فتحدث لعشر دقائق عن إجادتك لكتابة المقالات فهذا ضرب من الجنون، وسأخبرك من الآن في حال فعلتها أنك قد خسرت العمل قبل أن يبدأ.
توقف عن مدح نفسك:
هناك فرق بين أن توضح لي قدراتك وما يمكنك تقديمه. وبين أن تمدح وتطبل لنفسك، وأنك الأفضل في السوق، ولا يوجد منافس يمكنه تقديم ما تقدمه أنت من جودة عالية وبسعر مناسب. وليت الأمر مقتصر على المديح فقط، لا لقد أشتمل أيضًا على ذم وحط من المنافسين.
وهذا خطأ جسيم، فلا أدري كيف يمكنني الثقة في شخص أخلاق المهنة لديه شبه معدومة. لذا يا صديقي في خضم نقاشك مع العميل أخبره بقدراتك وإمكانياتك، وما هي المعايير التي تضن للعميل أن العمل سيكون وفقها.
أسعار المنافسين وجودة ما يقدموه هذا شيئ لا علاقة لك به لا من قريب ولا من بعيد، فإما أن تفوز بالصفقة بنزاهه، أو لا تدخل نفسك فيها من الأساس.
لا تستعجل العميل:
من الأمور التي أكرهها عندما يتعامل معي شخص بغباء، ويحاول استغفالي لدفعي لاتخاذ قراراتي بسرعة. ومن الأمثلة الحية على هذا موضوع التكلفة (كلام مندوب المبيعات بالخط العريض).
– طيب ما هي التكلفة النهائية؟
– مبلغ كذا وكذا.
– همم.. سأفكر في الموضوع.
– كما تعلم تقوم الشركة بكثير من العروض، ولا أضمن لك استمرار العرض للغد.
لا أدري هذه الكذبة تضحك بها على من؟ يعني تريد أن تقنعني أن الشركة تقدم العروض هكذا اعتباطًا وتلغيها على مزاجها بين ليلة وضحاها، أو أن هدفك كما يبدو أن دفعي لانتهاز الفرصة حتى لا تضيع.
من حق العميل اتخاذ القرار في أي وقت شاء:
بعد معرفتي لكل ما بحث عنه أخبرته أنني سأدرس الموضوع وأفكر فيه قبل اتخاذ القرار النهائي. فبدأ بالحديث عن أنه لا توجد خيارات مناسبة أكثر منهم في السوق و…
دائمًا عندما يتواصل معي عميل ويقول عبارات أفهم منها أنه لم يقرر بعد، أرد عليه بكلمتين لا أكثر “خذ وقتك” أو “خذ راحتك”، هذا هو الأصل، لماذا سأحاول إجباره بطريقة غير مباشرة على اتخاذ قراره بسرعة، قد يكون مفيد لمن أراد الربح السريع، وبيع منتجاته بدون أن يعير بالًا لعلاقة العميل.
لكني أُفضل عميل يشتري المنتج/الخدمة عن قناعة تامة، وأكسبه كعميل دائم، على آخر ربما لا أرى وجهه بعد اليوم، ولربما لأساء لسمعتي أيضًا. لذلك نصيحتي لك ركز دائمًا على العلاقة مع العميل، وليس على الربح السريع.
حسنًا دعونا نلخص الموضوع لأوضح لكم لماذا قلت عنه نقاش فاشل مع مندوب المبيعات :
- استغرق النقاش وقت طويل بلا فوائد حقيقية لكلى الطرفين.
- يمكنك القول أنه نقاش من طرف واحد، كان يتحدث كثيرًا وأنا استمع له، الواقع يفترض به أن يكون معاكس.
- لا أدري لماذا سميته نقاش، هو يتكلم طول الوقت، النقاش أخذ وعطاء.
- فيه كمية مديح وتطبيل مقززة.
- التكلم بطريقة سلبية عن المنافسين.
- مقاطعات لا تنتهي، أكثر ربما من برامج النفاق التلفزيونية.
- في عمليات البيع يجب أن تستمع وتصغي للعميل وليس أن تجبره على الاستماع لك.
- يجب أن تفهم احتياجات العميل أولًا، ثم بعد ذلك قدم له الخدمة/المنتج الذي يناسبه.
- لان الموضوع انحرف لأمور لا تهم العميل.
- لأنه لم يفهم ماذا يريد العميل.
ختامًا، نصيحة تجنب هذه الأخطاء في عملك حتى لا تخسره قبل أن تبدأ.
وبما أنك وصلت إلى النهاية فما رأيك أن تلقي نظرة على هذا المقال: 9 نصائح مهمة عليك معرفتها قبل التعامل مع المستقل.
تحياتي لك
الصورة لصاحبها William Bossen