خذ الأمر ببساطة تعش بـ سعادة ، هو عنوان مقالة نشرتها من قبل على المنصة المرحومة “منشر”، وهي تتحدث عن واحد من الأساليب المهمة لتستطيع عيش حياتك بـ سعادة .
توقفت المنصة في مرحلة ما واختفت معها مقالاتنا، لكن البعض تمكن بطريقة ما من استعادتها، أعيد نشر المقالة هنا مع بعض التحسينات الطفيفة، قراءة ممتعة.
بداية المشكلة:
منذ صغرنا عُلمنا بطريقة خاطئة وغير مباشرة كيف نتعامل مع الأمور المختلفة من حولنا، سواءً أكانت بسيطة أم معقدة.
لعلك تتذكر العديد من المواقف الصغيرة التي لا تتعدى كونها كسر فنجان شاي، أو إهدار كوب ماء صغير بالخطأ، أو نسيان أحد المستلزمات قبل الذهاب إلى مشوار ما…
وكيف كانت ردة فعل أهلنا معنا تجاهها، صراخ وانفعال، ولكن من أجل ماذا؟ من أجل كوب شاي مثلًا؟
المشكلة أن هذا الأمر انتقل إلينا تدريجيًا، الأمر أشبه بعملية تراكمية لملئ خزاننا لـ”التعقيد”، ومع مرور السنين وعشرات المواقف أمتلئ أخيرًا، وأصبحنا تمامًا كما كان أبوانا من قبل، بل ربما أسوء.
ننفعل ونصرخ وننفجر غضبًا بسبب أبسط الأشياء التي تحدث لنا (مثل قله الملح على الطعام…)، أو تحدث أمامنا (مثل أزدحام الطريق أو تأخر قائد المركبة التي أمامك في التحرك…).
وهكذا أصبحت هذه التصرفات الخاطئة أشياء بديهية تحدث من غير تفكير أو تدقيق فيما يحدث حولنا، بمجرد حدوث أمر ما ننفعل تلقائيًا وبدون أن ندري حتى، ونبدأ بتعقيد الموضوع.
نستمر هكذا طيلة حياتنا وننقلها إلى أبنائنا أيضًا، وتستمر حلقة “التعقيد” تدور وتدور إلى أن يقرر أحدًا ما إيقافها.
ما الحل:
لإيقاف هذا يجب أن تفكر وتحرك عقلك الخامل عند حدوث أي أمر من الممكن أن يزعجك، هل هذا الأمر يستحق أن أنفعل بشأنه؟ هل هو مهم حقًا إلى هذه الدرجة؟ ولو كان مهما فعلًا هل غضبي، صراخي، انزعاجي، سيحدث فرقًا ويحل الموضوع؟ أم أن عواطفي هذه ستزيد الأمر سوءًا وتعقيدًا؟
عند إجابتك على هذه الأسئلة ستعرف أنه لا طائل من تعقيد الموضوع، بل الأفضل والأسهل والأسلم التعامل معه ببساطة.
مثال واقعي:
قبل سنوات كنا سائرين بالسيارة في أحد طرق العاصمة المزدحمة، من شدة الزحام تجنب سائق بجوارنا سيارة كادت أن تصدمه فصدمنا في الناحية اليسرى من السيارة.
لم يكن الحادث قويًا أبدًا، لكنه ثنى جسم السيارة قليلًا. خرجت لأعاين أثار الصدمة، ومع أنها تؤثر بالسلب على مظهر السيارة إلى أننا وفي نفس اللحظة قررنا اختيار الخيار الأبسط والأسهل، بدون غضب وبدون انزعاج، لوحت إليه بيدي وقلت الموضوع بسيط، حصل خير. وعدت إلى السيارة لنكمل طريقنا.
إذ بالرجل الذي صدمنا يخرج من سيارته ويسير باتجاهي، أعتذر منا، ودفع لي مباشرة ما يزيد عن 130 دولار كتعويض، حقيقة رفضت أخذ المبلغ فالضرر الناتج عن الصدمة بسيطة ولا تستحق كل هذا، إلى أنه أصر علي حتى أخذتها، شكرته ودعوت له، ثم تابعنا طريقنا.
كيف ستكون النتيجة بدون العمل بمبدأ البساطة؟
حسنًا، دعونا نفترض بأننا لم نختر الخيار البسيط، وعقدنا الموضوع بدل من ذلك، كان ليزداد الازدحام أكثر وأكثر، وسنعطل العديد من البشر عن أداء مصالحهم، سنضطر للانتظار ساعات حتى يأتي المرور ليحل الموقف، ويقرر الخطأ على من؟ وكم نسبته؟ وهل سنتحمل جزءًا منها أم لا؟
ثم سنذهب لاحقًا إلى ورش تصليح السيارات لنقيم التكلف، لنعود إلى المرور ونسلم أوراق التصليح لهم، ثم يدفع لنا الشخص المخطئ حسب نسبته جزء من مبلغ تكلفة التصليح، هذا إن دفع فعلًا ولم يتهرب ويماطل. وبعد كل هذا التعب والإزعاج، هل يستحق المبلغ الذي سنحصل عليه كل هذا؟ قطعًا لا.
بعض فوائد الحياة البسيطة:
الفائدة الجوهرية التي لاحظتها من أخذ الأمور ببساطة راحة البال، وسلامة النفس، فلن تزعجك صغائر الأمور من حولك، ستتغير نظرتك للحياة، وتصبح أبسط وأسهل وأجمل بكثير من السابق.
ثم ستصبح قادرًا أيضًا على أخذ الأمور مهما كان كبرها ببساطة شديدة، وتتعامل معها كأنها عبارة عن فنجان شاي رخيص الثمن سقط سهوًا 🙂 كل هذا في النهاية يصب في مصلحة عيش حياتك بـ سعادة.
انتهى المقال، وأرى أنه مرتبط بمقال آخر من الجيد قراءته: كيف تتخلص من الغضب نصائح من واقع تجربة.
أمل لكم حياة جميلة مليئة بالـ سعادة 🙂 تحياتي للجميع
الشكر موصل على إعادة نشر هذه التدوينة للأصدقاء (هادي الأحمد، أحمد عبد الغني) فلولاهما لما تمكنت من استعادتها.