أتعجب عندما أرى أحد المستقلين المتحمسين يتقدم على أكثر من مشروع ويستعمل عبارات جذّابة مثل “خبرة 5 سنوات في المجال”، وعندما تتجه إلى معرض أعماله لتشاهده تنصدم، إنه أشبه بأرض مقفرّة لا حياة فيها.

أتساءلُ عندما أرى هذا كيف كنت تعمل لخمس سنوات بدون أن يكون لديك عمل واحد على الأقل؟ أستغرب من هؤلاء المستقلّين هل يتوقّعون بأنّ أحدًا ما سيوظّفهم لمجرد كتابتهم لبعض العبارات الرنانة في عروضهم؟

لتحصل على عميل عليك أوّلًا أن تفهم كيف يفكر العميل، يجب عليك أن تضع نفسك مكانه، إذا كنتَ عميلًا وتبحث عن مصمم لتصميم موقعك، ما هي أوّلُ الخطوات التي ستتّخذها؟

بالتأكيد ستشاهد معرض أعمال المستقلين للحكم على خبرتهم وتقييم جودة أعمالهم. فيما يلي سأخبرك بعدة نقاط عليك اتباعها لتبني معرض أعمال مميز، ولافت للنظر، ومعبّرٍ تمامًا عن مقدار خبرتك، وما تقدمه من خدمات.

في البداية، ماذا تفعل إذا لم يكن لديك أي أعمال سابقة:

حين تتعلّمُ مجالًا ما، تصميم الشعارات على سبيل المثال، وأصبح لديك القدرة على تصميم شعارات بجودة عالية، عليك في هذه الحالة أن تُصمّم شعارات من تلقاء نفسك، اخترع عميلًا وهميًّا وصمّم شعارًا على حسب متطلبات عميلك الوهمي، احرص على أن يكون الشعار جميلًا ومناسبًا لدرجة رضاك الشخصي عنه، ثم أضفه إلى معرض أعمالك، وقد تتمكّنُ من بيعه كقالب شعارٍ لاحقًا، ونصيحة لا تبحث عن الكمال، فالكمال لا يأتي أبدًا.

كما أنّ بإمكانك أن تُعيد تصميم شعارات مواقع مختلفة، كأن تصمّم شعارًا جديدًا لمنصّةٍ تستعملها، أو مدوّنةٍ تُتابعها، أو أداةٍ تستفيدُ منها. في حالتي الشخصية لم انتظر قدوم عميلي المنتظر يقود حصانه شاقًا مواقع الأنترنت بحثًا عني 🙂

قمت بإعادة تصميم منصة النقاش التابعة لحسوب أو كما تسمى حاليًا حسوب I/O، وكتبت موضوع أتحدث فيه عن التجربة، ردة الفعل التي تلقيتها فاقت توقعاتي بجميع المقاييس، ربما لن تصدقني إذا قلت لك بأنه وبهذا العمل الوحيد فقط حصلت على عميلي الأول، وحصلت أيضًا على سمعة طيبة في مجال تصميم واجهة المستخدم.

قد يقول أحدهم لماذا أتعب نفسي وأضيع وقتي في عمل لن يعود علي بأي مردود مادي، وربما أيضًا لن يساعدني في كسب سمعة طيبة. عليك أن تعلم أنك سواءً بقيت تعمل على مشروع شخصي، أو بقيت تبحث عن عملاء هنا وهناك، فوقتك ضائع لا محالة، وفرصه حصولك على عميل بدون معرض أعمال شبه مستحيلة، لذا لماذا تستمر في التمسك بالطريق الأصعب.

ولنجاح عملك الشخصي في هدفه عليك أن تعمل عليه بجد، وأن تتعامل معه كما لو كان مشروع حقيقي، مشروع تفتخر بكونه ضمن معرض أعمالك، إذا كان هدفك مجرد صورة تضعها في معرض أعمالك فثق بي، لن تكسب من ورائها سوى التعب.

أحرص دائما على اختيار شيء شائع ومُطالب فيه من قبل المستخدمين، حتى تحصل على صدى واسع جراء ما تقوم به.

لديك معرض أعمال لكنه لا يساعدك في كسب مشاريع جديدة:

في هذه الحالة أمامك عدة خطوات لتفعلها:

  • حسن الناحية البصرية للمعرض.
  • نظمة ورتبه بطريقة جميلة.
  • نوع قدر الإمكان.
  • حاول توثيقه.
  • تحلي بالصبر.

حسن الناحية البصرية للمعرض:

الدلالة البصرية أكثر تأثيرًا، أثناء تجولي في موقع مستقل لفت أنتباهي معرض أحدهم، ليس لأنه جميل بل لأنه لا يؤدي الهدف منه ببساطة، كان عباره عن مجموعه من النصوص المعروض في مربعات وكأنه يقصد منها عرض مهاراته الكتابية بينما هدفه كان عرض أشياء أخرى. دائمًا وأبدًا عليك معرفة أن الدلالة البصرية أقوى من الدلالة النصية، بعبارة أخرى، الصور تُعبر أكثر مما تُعبره الكلمات، يقول المثل: الصورة بألف كلمة. وحتى علميًا مشاهدة الصورة أسهل من قراءة الكلمات، لذا تجدهم في الإعلانات والمنشورات الترويجية يضعون عبارات قليلة بجانب صورة توضيحية كبيرة.

كيف تبني معرض أعمال مميز
لمن الغلبة برأيك؟

كما تلاحظ في الصورة، من الواضح أن المعرض الذي يحتوي على صور مصممه بعناية أفضل من الذي يعتمد على النصوص، عليك أن تُزين معرضك بالصور، إذا كنت من مبرمجي التطبيقات قم بوضع صورة لتطبيقك ضمن أحد الهواتف وضعها كصورة رئيسية. إذا كنت من مصممي الشعارات أختر صورة مناسبة لشعارك مع بعض التأثيرات. إذا كنت من مصممي الرسوم المعلوماتية Infographic فلا تعرضه كاملًا، قم بقص جزء بسيط منه، يكون معبر وضعه كصورة رئيسية. إذا كنت مطور مواقع فضع الصورة في حاسوب Macbook، وليس عليك القلق من هذه الناحية، فبرامج التصميم توفر عليك الكثير من التعب، وهكذا مع بقية الأعمال…

نظم معرض أعمالك:

ذات مرة شاهدت أحدهم يملك معرض أعمال ضخم، وما إن دخلت لمشاهدتها إذ بها جميعًا -على ما أذكر- عبارة عن بنرات إعلانية! ما الهدف من وضع كل هذا؟ أنت بهذا الفعل تهتم بالكم لا بالكيف، بمجرد مشاهدة معرض كهذا سأفهم مباشرة بأنك مصمم بنرات إعلانية لا غير، حتى لو كتبت في نبذتك أنك مصمم شعارات، وواجهة مستخدم و…

وحتى لو كان ما تجيده هو تصميم البنرات الإعلانية فقط، عليك بتنظيمها وتنسقها بطريقة أجمل، قم بتنصيف هذه الأعمال على حسب النوع، مثلًا بنرات إعلانية ثلاثية الأبعاد، بنرات إعلانية بالتصميم المسطح، بنرات إعلانية لمواد غذائية، وهكذا، حتى في حال دخلت إلى معرضك وأنا بحاجة إلى معرفة خبرتك في مجال التصميم المسطح، أعرف أين أتوجه بدل التيهان كالأعمى في متاهتك.

شيء آخر بالغ الأهمية، ليس كل عمل جديد تقوم به مناسب لوضعه في معرض أعمالك:

  • إذا كان العمل لا يقدم أي جديد، وهو مشابه تمامًا للعديد من أعمالك السابقة، فإن وضعه لن يحدث أي فرق أبداً.
  • إذا كان العمل لم يتم بطريقة مناسبة لتلك التي تريد تنفيذه بها، كإصرار العميل على وضع عناصر ووظائف بطريقة خاطئة، أو أختيار ألوان غير متناسقة، فعليك قطعًا عدم وضع هذا العمل في معرض أعمالك.
  • إذا كان العمل ليس مبهرًا، ولا يمثل الرؤية التي طمحت إليها.
  • إذا كان العمل صغير ولا يقارن بأعمالك السابقة.

أحرص دائمًا أن يكون عملك الجديد الذي تضيفه إلى معرض أعمالك أفضل من السابقين، أو على الأقل في نفس مستواهم، ولا بأس إن كان أقل بفارق بسيط، في حال بقيت فترة طويلة بدون تحديث معرض أعمالك.

حاول التنويع قدر الإمكان:

إذا كانت مهاراتك متعددة، فأجعل معرض أعمالك يوضح هذا، إذا كنت مطور مواقع، ومبرمج تطبيقات للهواتف الذكية، فيجب أن يحتوي معرض أعمالك على عينات من جميع مهاراتك، لا تتخيل بأنك ستقنع العميل بأنك جيد في برمجة تطبيقات الهواتف لأنك جيد فقط في تطوير المواقع، هذان عالمًا مختلفان، ويجب أن يكون لديك شيء يثبت مدى قدرت على تنفيذ كل نوع من مهاراتك.

إذا كنت تفكر في عمل مشروع شخصي جديد لإضافته لمعرض أعمالك، فأختر الناحية الأضعف لديك، تفقد معرضك وحاول سد مواطن الضعف، كأن تكون مبرمج تطبيقات وليس لديك حتى الآن أي عمل عن التطبيقات مضاف إلى معرضك، في هذه الحالة على عملك الجديد أن يكون متعلقًا بالهواتف الذكية.

وثق أعمالك إن أمكن:

لا يوجد الكثير لأقوله حول هذه النقطة، عليك فقط أن تضع روابط لأعمالك التي تضعها في معرضك، إذا كان المشروع عباره عن تطبيق هاتف ضع رابط التطبيق في Google Play أو Apple store، لا تجعل العميل هو من يبحث بنفسه عن تطبيقك، سهل الأمر عليه. أفعل هذا مع أي شيء في معرضك بدايةً من مواضيع الكتابة وانتهاءً بتطوير المنصات الإلكترونية.

تحلى بالصبر:

مع أن معرض أعمالي كان جميلًا -على الأقل هذه كانت وجهة نظري- إلى أن العملاء لم يكونوا يختارونني لتنفيذ مشاريعهم، هذا الأمر محبط حقيقة، وإذا لم تستطع التغلب عليه وتطرد الموجة السلبية التي تحيط بك كلما رفض عرضك، أو بقيت أشهر بدون عمل فإنك بلا شك ستخرج سريعًا من هذه المنافسة. تحلى بالصبر دائمًا، وعليك أن تؤمن بأن الغد أفضل، وصدقني سيكون الغد أفضل بمشيئة الله، وهذا شيء التمسته شخصيًا مع الأيام 🙂

الآن نكون وصلنا إلى نهاية المقال، قبل أن تفعل أي شيء أذهب حالًا وطبق النصائح الوارد في المقال على معرض أعمالك، لا تؤجل هذا لوقت آخر، فلا أحد يعلم ما الذي يمكن أن يحدث في الدقائق القليلة القادمة، ربما يكون عميلك المنتظر على بعد خطوات فقط.

مصدر الصورة